الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما جلست مع الناس تغير مزاجي ورغبت في العزلة، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

دائمًا ما أشعر بعدم الانتماء، وعدم الثقة بمشاعر من حولي تجاهي، وقد وصل الأمر عدة مرات للشك في مشاعر والديّ وأقاربي تجاهي، مما جعلني أفضل البقاء بعيدةً كلما استطعت، ولطالما كنت أشعر بالتيه، والضياع، والشك، وعدَم الثقة بالجميع وكل شيء أيضًا، وتقريبًا لم تعد لدي أي علاقة جيدة أو حقيقية سوى بضعة أشخاص معدودين الآن، ولكنني رغم ذلك أظن بأن السبب هو مشاعري، وأفكاري الداعمة لها في بعض الأحيان، كما أن كلماتي قد تكون فظةً وقاسيةً، وأنا أدرك ذلك.

إنني مدركة لكل ما يحدث، ولكنني لا أتدارك نفسي، أعلم بأن ذلك ليس جيدًا لمستقبلي، ولا لعلاقاتي، ولكنني مع ذلك أشعر بالأمان لبقائي بمفردي أكثر، وكلما أمضيت دقائق معدودة مع شخص ما يتغير مزاجي، وأشعر وقتذاك برغبة كبيرة في الانطواء، أو الاختفاء ببساطة، إن تكوين العلاقات، والإبقاء عليها أمر مرهق جدًا، وأعلم أن الوحدة ليست جيدة، ومؤلمة، ولكنني بخير معها.

لا يبدو تفكيري صائبًا، وربما هي مجرد مرحلة من عمري الحالي، وستختفي مع مرور الوقت، ولكن واقعي الحاضر لا يرضيني، أرغب بتغيير نفسي، ولكنني لا أملك الطاقة والدافعية لذلك، والأيام تمضي مسرعةً، وعمري يتناقص كل يوم، حتى إنني أشعر بأن ما أنا عليه الآن لا يجب أن أشتكي منه؛ فأنا بخير على كل حال، وهناك من يعاني فعلاً في مكان آخر من العالم، وليس لي حق الشكوى.

أنا أشعر بالكره تجاه نفسي؛ لأنها تجيد الشعور والحديث فقط، فهل هناك حل لمشكلتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Ayres حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك عزيزتي، ونشكر ثقتك بنا.

سؤالك حول شعورك بعدم الانتماء، وعدم الثقة بمشاعر من حولك نحوك، ورغبتك بالوحدة، والانطواء على نفسك، هو سؤال محير بعض الشيء، وخاصةً أنك بالرغم من إسهابك لنا في الشرح، إلا أنْ كلامك كله كان يدور حول أعراض معاناتك، وليس حول السبب الذي أدى إلى ذلك.

نحن في علم النفس أثناء محاولتنا لعلاج المشاكل نحاول أن نذهب مباشرةً إلى السبب؛ فعلاج العَرَض قد يكون نافعًا بشكل مؤقت، ولكن سرعان ما تعود المشكلة، وهذا طبيعي، فالمشكلة قائمة بوجود السبب.

لذا أريد أن أسألك عدة أسئلة محاولةً أن أبحث معك عن سبب ما تشعرين به:

- هل شعورك هذا هو مرافق لك منذ طفولتك، أي أن نمط شخصيتك تميل إلى الانغلاق على الذات؟
بالنسبة لي لا أخمن هذا؛ فعادةً من تكون شخصياتهم كذلك يكونون متصالحين مع أنفسهم كما هم، ولا يرغبون بالتغيير من أنفسهم كما يحدث معك، فأنت ترغبين بالتغيير من نفسك، ولكن مشكلتك هي انخفاض الدافعية والطاقة، وهذا بحد ذاته له مسبباته التي علينا البحث عنها.

- هل شعورك في حال ظهوره حديثًا نتج عن حدث أو موقف تعرضتِ له في حياتك؟
وأنا أرجح هذا الاحتمال؛ فما فهمتُه من كلامك أنه لم يعد لديك الآن أية علاقة حقيقية، وهذا يعني أنه كان لديك علاقات حقيقية من قبل، لذا حاولي الغوص مع نفسك، والعودة بذاكرتك إلى أول موقف أو خبرة عشتِها خلقت بداخلك هذا الشعور.

- هل تعرّضت لموقف ما بحياتك قد خيّب ظنك بشخص مُقرّب، أو خيب ظنك بمكانتك الكبيرة لدى شخص ما في حياتك؟
- هل شعورك ناتج عن عدم فهمك للناس من حولك؟
- هل شعورك ناتج عن عدم محبتك لنفسك، وتقبلك لها؟

أتمنى منك أن تفكري مع نفسك بمفردك، فأنت ذكرت في رسالتك أن كلامك قد أصبح قاسيًا وفظًا مع من حولك، وهذا طبيعي، فكلماتنا هي انعكاس لأفكارنا الداخلية "المُسيطرة" على ذهننا في الفترة الحالية، وأفكارنا المسيطرة هي ناتجة إما عن خبرات الطفولة، أو موقف صادم، لذا فتشي داخلك حول المواقف الهامة التي جرت في حياتك، وأثرت على مشاعر الثقة داخلك -الثقة بنفسك ومكانتك-، ومن ثم الثقة بِمَنْ حولك.

ومن ثم قومي بمراسلتنا مجددًا؛ فهذا سيساعدنا على اقتراح حلول دقيقة تكون مُجديةً أكثر، وبالتالي معالجة جذر المشكلة لديكِ.

بانتظار رسالتك قريبًا، ودمتِ برعاية الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً