الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أولادي لم يتقبلوا زواجي بعد وفاة أبيهم وتغيرت أخلاقهم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة أبلغ من العمر 56 سنة، مشكلتي أن أولادي الكبار لم يتقبلوا زوجي وابنتي منه، بدأت القصة عندما ترملت وأنا في سن 34، وكان لديّ ولدان، الكبير حينها عمره 14 سنة، والصغير 11 سنة، وبعد 4 سنوات من ترملي، تقدم لي صديق أخي، وهو أرمل عمره 45 سنة، وأنا كنت في سن 38، ولديه بنتان.

رفض أولادي بشكل قاطع زواجي من هذا الرجل، رغم محاولاته التقرب إليهم وإقناعهم ودعوته لهم للعيش معنا ولكل منهم غرفته، لكنهم رفضوا، أهلي نصحوني بالزواج دون أن أخذ رأي المراهقين، تم زواجي -والحمد لله-، وأنا سعيدة مع زوجي، وأنجبت منه ابنة عمرها الآن 16 سنة.

لكن مشكلتي أن أولادي بعد 18 سنة من زواجي لم يتقبلوا زوجي، ولا أختهم، فلم يضعوا قدمهم في منزل زوجي، ولم يدخلوه أبدًا، نحن دائمًا نتقابل إما في منزل أبيهم المرحوم أو في أماكن عامة، لأنهم لا يريدون رؤية وجه زوجي أبدًا.

علاقتي بهم جيدة، فهم ليسوا عاقين بي، يتصلون بي وأنا أتصل بهم، لكن مشكلتي أن ابنتهم ليس لها أحد بعدي وبعد أبيها، وأنا الآن في عمر 56 سنة، وزوجي عمره 64 سنة.

لدي أيضًا مشكلة أخرى وهي فساد أخلاق أولادي، وشربهم للخمور، مرةً قام ابني الكبير بحادث سيارة تسبب في كسر ساقه.

عندما كنت أرملة، كانوا ملتزمين بالصلاة، لكن بعد زواجي تركوا الصلاة وانتقلوا للعيش مع عائلة أبيهم في منطقة سياحية، كما تعلمون، بلدي دولة علمانية، وهي مليئة بالحانات والمراقص، وزوجي الأول -رحمه الله- كان إنسانًا مصليًا، ويخاف الله، ولم تكن عادة شرب الخمر موجودة في عائلتنا.

عندما أفتح معهم موضوع شرب الخمر أو ترك الصلاة، يتهربون من الحديث، ويصلون فقط في رمضان.

قصتي طويلة، ولا أعرف ماذا أقول، أولادي يمتلكون جنسية إيطالية، لأن جدتهم من أبيهم إيطالية، لا أعرف إن كان زواجي قد دمر نفسيتهم وجعلهم يدمنون الخمر بسبب الضغط الذي مارسته عليهم بالشرع عندما تزوجت.

الآن، أعمارهم 36 و32 سنة، وما زالوا في العزوبية، ويرفضون الزواج، أنا أشك في أنهم يقومون بالحرام؛ لأنهم دائمًا يسافرون إلى إيطاليا ولديهم المال، حيث إن زوجي المرحوم ترك لهم ميراثًا كبيرًا من عمارتين ومستودعات ومحلات تجارية، وأرض فلاحية كبيرة جدًا.

ابني الكبير دكتور، ولديه عيادة خاصة، أما الصغير فهو يعمل أستاذًا جامعيًا، وأنا وزوجي الحالي متوسطا الحال مقارنة بهم.

أرجو منكم أن تساعدوني في حل كيف أُحبِّب أولادي في زوجي وابنتي؟ وكيف أصرفهم عن شرب الخمور؟ حياتي مع زوجي سعيدة جدًا، لكن كل تفكيري ينصب حول أولادي، أشتهي أن يكون لدي حفيد أو كنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ليلى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يرحم زوجك الأول، وأن يُبارك في الزوج الذي أنت معه، وأن يُصلح أبناءك، وأن يهديهم لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

بدايةً: أرجو أن تستمري في دعوة أبنائك، والدعاء لهم، وتذكيرهم والقيام بما عليك تجاههم، وهذا الذي يُنجيك بين يدي الله تبارك وتعالى، واعلمي أن للأم تأثيراً كبيراً، وما حصل منك لم يكن حرامًا، ولا علاقة له بالذي يحدث، والزواج هو شريعة الله تبارك وتعالى، وإذا كنت و-لله الحمد- قد شاورت أهلك ووافقوا على هذا الزواج وسعدت به، والزوج -الحمد لله- من المصلين، وهو حريص على أن يأوي هؤلاء الأبناء، إلَّا أن الرفض كان من ناحيتهم ومن جهتهم، فليس فيما حصل إشكال، والإشكال إنما جاء من عندهم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديهم، وأن يردّهم إلى الحق والخير والصواب.

استمري في التواصل معهم، واستمري في النصح لهم، وقرّبي بينك وبينهم المسافات، وحاولي أيضًا إدخال أهل الخير والصلاح، حتى يستطيعوا أن يُوجدوا هذا التقارب بينهم وبين هذا الذي ما رأوا منه إلَّا الخير، ثم بينه وبين هذه الأخت التي تُعتبر أختهم لأمّ، ولها حقوق، فإن قاموا فذلك لمصلحتهم في الدنيا والآخرة، وإن قصّروا فلا أظنُّ أن هذه البنت ستضيع، نسأل الله أن يهديها، واجتهدي في تربيتها على الصلاح والخير.

اجعلي همّك هداية هؤلاء الأبناء، فإن شُربهم للخمور وتركهم للصلاة هو الأخطر؛ لأن هذا أمرٌ مخيف، فالخمر أُمُّ الخبائث، والصلاة هي أهم عملٍ يقوم به الإنسان في هذه الحياة، وهي الميزان لأي إنسان في الدنيا والآخرة؛ ولذلك اجتهدي في دعوتهم إلى الله تبارك وتعالى، واجعلي همّك أوَّلًا عودتهم إلى الله، لأنهم إذا عادوا إلى الله عرفوا حق هذه الأخت، وعرفوا حق الوالدة، وعرفوا الوفاء لمن لم يُؤذهم، ولمن لا ذنب له في هذا الذي حدث.

ما قمت به من حقك، وحق النفس مُقدّم، وإعفاف النفس مطلب، ومن حق أي امرأة مات زوجها أن تتزوج، لتكمل حياتها ومشوار الحياة، هذه هي طبيعة الحياة، وكون الأبناء عند المراهقة رفضوا واستمروا في الرفض؛ فذلك أمرٌ يعنيهم، ونسأل الله أن يكون في الأهل (الأعمام، الأخوال) من العقلاء مَن يُذكّرهم ويستمر في نُصحهم، ونسأل الله أن يردّهم إلى الحق ردًّا جميلًا.

نكرر دعوتنا لك في حسن تربية البنت، وفي الاستمرار في التواصل مع هؤلاء الأبناء والتذكير لهم، والدعاء لهم، ودعوة المصلحين إلى أن يقتربوا منهم، وكل مَن يمكن أن يُؤثّر عليهم أن يقوم بدوره في النصح لهم.

هذا هو المطلوب عليك شرعًا، أن تستمري في النصح وتجتهدي في الدعاء، وتقتربي منهم، وتقومي بما عليك تجاههم؛ فإن الله يسألك عن هذا الواجب، ويسألهم أيضًا عن برِّهم لك والإحسان إليك، ومن عمل صالحًا فلنفسه.

نسأل الله أن يُعجّل بهدايتهم، وأن يردّهم إلى الحق والصواب، وأن يردهم إلى معرفة حق هذه الأخت لهم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً