السؤال
طلبتُ من أخي أن يُصلح لي سماعتي، فقال إنه لن يُصلحها إلا إذا توقفتُ عن استخدامها في سماع الأغاني، وحلفتُ أنني لن أستمع إلى الأغاني بها.
وبعد أن حلفتُ، أخبرته أن بعض المقاطع قد تحتوي على موسيقى، فأوضح لي أنه يقصد نوعًا معينًا من الأغاني لا يرغب أن أستمع إليه. وبعد مرور فترة من الزمن، استمعتُ إلى بعض الأغاني، لكن لم يكن من النوع الذي قصده. فهل عليّ كفارة يمين في هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أولًا- أنه يحرم عليك سماع الموسيقى، سواء حلفتِ أو لم تحلفي، وتجب عليك التوبة إلى الله تعالى فورًا، وسؤالك عن الكفارة يدل على حرصك على إبراء ذمتك، وما دمت كذلك، فأبرئي ذمتك بما هو واجب عليك قبل الحلف والكفارة، وهو التوبة من ذنب سماع الأغاني، وذنب الإصرار عليها، فتوبي إلى الله تعالى، لعل الله أن يغفر لك.
وأمّا هل تلزمكِ الكفارة؟ فالظاهر من السؤال أنك حين حلفتِ على عدم سماع الأغاني بتلك السماعة، أطلقتِ ولم تستثني بلسانك، ولم تقيدي بنيتك نوعًا دون نوع، ثم علمت بعد الحوار مع أخيك بالنوع الذي لا يريدك أن تسمعيه، فلا ينفعك تقييد يمينك بنوع من الأغاني حينئذ، سواء كان التقييد بالنية، أو استثنيت باللسان.
أمّا عدم جدوى التقييد بالنية؛ فلأنها لم تكن تكن قبل اليمين أو معه، وإنما بعد الحوار مع أخيك، والقائلون بصحة الاستثناء بالنية يشترطون اتصالها بالكلام.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا تكفي النية في الاستثناء، لكن قال المالكية: إن النية تكفي في الاستثناء بإلا وأخواتها قبل انتهاء النطق باليمين. اهـ.
وفي بداية المجتهد لابن رشد: وهي هل تنفع النية الحادثة في الاستثناء بعد انقضاء اليمين؟ فقيل أيضًا في المذهب: إنها تنفع إذا حدثت متصلة باليمين. وقيل: بل إذا حدثت قبل أن يتم النطق باليمين. وقيل: بل الاستثناء على ضربين: استثناء من عدد، واستثناء من عموم بتخصيص، أو من مطلق بتقييد. فالاستثناء من العدد لا ينفع فيه إلا حدوث النية قبل النطق باليمين، والاستثناء من العموم ينفع فيه حدوث النية بعد اليمين إذا وصل الاستثناء نطقًا باليمين. اهـ، وانظري الفتوى: 397816، عن حكم طروء النية بعد النطق باليمين وما زاد من الكلام بعد كماله.
وأمّا عدم جدوى الاستثناء باللسان؛ فلأن شرط صحة الاستثناء اتصال الكلام باليمين أيضًا، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (الشريطة الثانية): أن يصل المتكلم الاستثناء بالكلام السابق، فلو فصل عنه بسكوت كثير بغير عذر، أو بكلام أجنبي لم يصح الاستثناء، فلا يخصص ما قبله إن كان استثناء بنحو إلا، ولا يلغيه إن كان بنحو المشيئة. اهـ.
ولو شككتِ أيضًا هل استثنيتِ تلك الأغاني أم لا، فإنه لا ينفعكِ أيضًا إذ الأصل عدم الاستثناء.
قال صاحب الروض المربع: ومن شك في الاستثناء، فالأصل عدمه. اهـ.
وبناء على ما تقدم؛ نرى أنه تلزمك كفارة يمين لحنثك في اليمين، مع وجوب التوبة من سماع الأغاني المصاحبة للموسيقى.
والله أعلم.