السؤال
أعاني من الإفراط في الغضب. فما نصيحتكم لي، وكيف يمكنني معالجته؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك هي: نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي قال له: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب. والحديث رواه البخاري.
وأمّا كيف تعالج الغضب، فالغضب يعالج بالطرق التي جاء الشرع بها، وهي قاطعة للغضب بإذن الله تعالى لمن عمل بها، نلخصها لك فيما يلي:
أولًا: السكوت عند الغضب، فلا تتكلم، فقد ورد في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- مرفوعًا: إذا غضب أحدكم فليسكت. رواه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
ثانيًا: أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند الغضب، فتقول: "أعوذ بالله من الشيطان" كما في الحديث: اسْتَبَّ رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. متفق عليه.
ثالثًا: أن تغير هيئتك عند الغضب، فإذا كنت قائمًا فلتجلس؛ فإن ذهب الغضب، وإلا فاضطجع، لحديث: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع. رواه أحمد، وأبو داود.
والحكمة في الأمر بالقعود ثم الجلوس: أن الشخص القائم متهيئ لفعل الشر، بخلاف الجالس، وأبعد منه عن الشر: الشخص المضطجع.
رابعًا: أن تتوضأ إذا غضبت، وهذا جاء فيه حديث في إسناده ضعف، ففي سنن أبي داود مرفوعًا: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.
خامسًا: أن تذكر الله تعالى، فتسبّح، أو تستغفر، أو تهلل، ونحو ذلك من الأذكار، للآية: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف: 24]، قال عكرمة: يعني إذا غضبت.
سادسًا: أن تتذكر قدرة الله عليك، وأن غضب الله تعالى أعظم، وقد قال سعيد بن جبير -رحمه الله تعالى- في قول الله -عزَّ وجلَّ-: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201]، قال: هو الرجل يغضب الغضبة، فيذكر الله تعالى، فيكظم الغيظ. اهـ.
وجاء عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كنت أضرب غلامًا لي بسوط، فسمعت من خلفي صوتًا، اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود. فلم أفهم الصوت من شدة الغضب، فلما دنا التفت، فإذا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسقط السوط من يدي من هيبته -صلى الله عليه وسلم- فقال: اعلم أبا مسعود، لله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فقلت: يا رسول الله: هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار. رواه مسلم.
سابعا: أَنْ تُمْسِكَ نفسك عن التصرف تحت وطأة الغضب، فتمسك يدك وجوارحك، وهذه هي القوة الحقيقية المحمودة شرعاً، ففي الحديث: ليس الشديد بِالصُّرَعَةِ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. متفق عليه.
وانظر المزيد من طرق علاج الغضب في الفتوى: 373666.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني