الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذم الغضب، وطرق علاجه

السؤال

أعاني من الإفراط في الغضب. فما نصيحتكم لي، وكيف يمكنني معالجته؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنصيحتنا لك هي: نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي قال له: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب. والحديث رواه البخاري.

وأمّا كيف تعالج الغضب، فالغضب يعالج بالطرق التي جاء الشرع بها، وهي قاطعة للغضب بإذن الله تعالى لمن عمل بها، نلخصها لك فيما يلي:

أولًا: السكوت عند الغضب، فلا تتكلم، فقد ورد في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- مرفوعًا: إذا غضب أحدكم فليسكت. رواه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.

ثانيًا: أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند الغضب، فتقول: "أعوذ بالله من الشيطان" كما في الحديث: اسْتَبَّ رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. متفق عليه.

ثالثًا: أن تغير هيئتك عند الغضب، فإذا كنت قائمًا فلتجلس؛ فإن ذهب الغضب، وإلا فاضطجع، لحديث: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع. رواه أحمد، وأبو داود.

والحكمة في الأمر بالقعود ثم الجلوس: أن الشخص القائم متهيئ لفعل الشر، بخلاف الجالس، وأبعد منه عن الشر: الشخص المضطجع.

رابعًا: أن تتوضأ إذا غضبت، وهذا جاء فيه حديث في إسناده ضعف، ففي سنن أبي داود مرفوعًا: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.

خامسًا: أن تذكر الله تعالى، فتسبّح، أو تستغفر، أو تهلل، ونحو ذلك من الأذكار، للآية: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف: 24]، قال عكرمة: يعني إذا غضبت.

سادسًا: أن تتذكر قدرة الله عليك، وأن غضب الله تعالى أعظم، وقد قال سعيد بن جبير -رحمه الله تعالى- في قول الله -عزَّ وجلَّ-: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201]، قال: هو الرجل يغضب الغضبة، فيذكر الله تعالى، فيكظم الغيظ. اهـ.

وجاء عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كنت أضرب غلامًا لي بسوط، فسمعت من خلفي صوتًا، اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود. فلم أفهم الصوت من شدة الغضب، فلما دنا التفت، فإذا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسقط السوط من يدي من هيبته -صلى الله عليه وسلم- فقال: اعلم أبا مسعود، لله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فقلت: يا رسول الله: هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار. رواه مسلم.

سابعا: أَنْ تُمْسِكَ نفسك عن التصرف تحت وطأة الغضب، فتمسك يدك وجوارحك، وهذه هي القوة الحقيقية المحمودة شرعاً، ففي الحديث: ليس الشديد بِالصُّرَعَةِ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. متفق عليه.

وانظر المزيد من طرق علاج الغضب في الفتوى: 373666.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني