فصل
قال : وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=18648_27347تجتنى ثمرة الفكرة بثلاثة أشياء : بقصر الأمل ، والتأمل في القرآن ، وقلة الخلطة والتمني والتعلق بغير الله والشبع والمنام .
يعني : أن في منزل التذكر تجتنى ثمرة الفكرة لأنه أعلى منها ، وكل مقام تجتنى ثمرته في الذي هو أعلى منه ، ولاسيما على ما قرره في خطبة كتابه أن كل مقام يصحح ما قبله .
ثم ذكر أن هذه الثمرة تجتنى بثلاثة أشياء ، أحدها : قصر الأمل ، والثاني : تدبر القرآن ، والثالث : تجنب مفسدات القلب الخمسة .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=27209_24625قصر الأمل : فهو العلم بقرب الرحيل ، وسرعة انقضاء مدة الحياة ، وهو من أنفع الأمور للقلب ، فإنه يبعثه على معاصفة الأيام ، وانتهاز الفرص التي تمر مر السحاب ، ومبادرة طي صحائف الأعمال ، ويثير ساكن عزماته إلى دار البقاء ، ويحثه على قضاء جهاز سفره ، وتدارك الفارط ، ويزهده في الدنيا ، ويرغبه في الآخرة ، فيقوم بقلبه إذا داوم مطالعة قصر الأمل شاهد من شواهد اليقين ، يريد فناء الدنيا ، وسرعة انقضائها ، وقلة ما بقي منها ، وأنها قد ترحلت مدبرة ، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها ، وإنها لم يبق منها إلا كما بقي من يوم صارت شمسه على رءوس الجبال ، ويريه بقاء الآخرة ودوامها ، وأنها قد ترحلت مقبلة ، وقد جاء أشراطها وعلاماتها ، وأنه من لقائها كمسافر خرج صاحبه يتلقاه ، فكل منهما يسير إلى الآخر ، فيوشك أن يلتقيا سريعا .
ويكفي في قصر الأمل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=205أفرأيت إن متعناهم سنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=206ثم جاءهم ما كانوا يوعدون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=207ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=45ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [ ص: 449 ] وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=114قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=103يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=104نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما وخطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوما والشمس على رءوس الجبال ، فقال
nindex.php?page=hadith&LINKID=980278إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض أصحابه ، وهم يعالجون خصا لهم قد وهى . فهم يصلحونه ، فقال
nindex.php?page=hadith&LINKID=980279ما هذا ؟ قالوا : خص لنا قد وهى فنحن نعالجه ، فقال : ما أرى الأمر إلا أعجل من هذا .
وقصر الأمل بناؤه على أمرين : تيقن زوال الدنيا ومفارقتها ، وتيقن لقاء الآخرة وبقائها ودوامها ، ثم يقايس بين الأمرين ويؤثر أولاهما بالإيثار .
فَصْلٌ
قَالَ : وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=18648_27347تُجْتَنَى ثَمَرَةُ الْفِكْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : بِقِصَرِ الْأَمَلِ ، وَالتَّأَمُّلِ فِي الْقُرْآنِ ، وَقِلَّةِ الْخُلْطَةِ وَالتَّمَنِّي وَالتَّعَلُّقِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَالشِّبَعِ وَالْمَنَامِ .
يَعْنِي : أَنَّ فِي مَنْزِلِ التَّذَكُّرِ تُجْتَنَى ثَمَرَةُ الْفِكْرَةِ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْهَا ، وَكُلُّ مَقَامٍ تُجْتَنَى ثَمَرَتُهُ فِي الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْهُ ، وَلَاسِيَّمَا عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ أَنَّ كُلَّ مَقَامٍ يُصَحِّحُ مَا قَبْلَهُ .
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الثَّمَرَةَ تُجْتَنَى بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ ، أَحَدُهَا : قِصَرُ الْأَمَلِ ، وَالثَّانِي : تَدَبُّرُ الْقُرْآنِ ، وَالثَّالِثُ : تَجَنُّبُ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الْخَمْسَةِ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=27209_24625قِصَرُ الْأَمَلِ : فَهُوَ الْعِلْمُ بِقُرْبِ الرَّحِيلِ ، وَسُرْعَةِ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَيَاةِ ، وَهُوَ مِنْ أَنْفَعِ الْأُمُورِ لِلْقَلْبِ ، فَإِنَّهُ يَبْعَثُهُ عَلَى مُعَاصَفَةِ الْأَيَّامِ ، وَانْتِهَازِ الْفُرَصِ الَّتِي تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ، وَمُبَادَرَةِ طَيِّ صَحَائِفِ الْأَعْمَالِ ، وَيُثِيرُ سَاكِنَ عَزَمَاتِهِ إِلَى دَارِ الْبَقَاءِ ، وَيَحُثُّهُ عَلَى قَضَاءِ جِهَازِ سَفَرِهِ ، وَتَدَارُكِ الْفَارِطِ ، وَيُزَهِّدُهُ فِي الدُّنْيَا ، وَيُرَغِّبُهُ فِي الْآخِرَةِ ، فَيَقُومُ بِقَلْبِهِ إِذَا دَاوَمَ مُطَالَعَةَ قِصَرِ الْأَمَلِ شَاهِدٌ مِنْ شَوَاهِدِ الْيَقِينِ ، يُرِيدُ فَنَاءَ الدُّنْيَا ، وَسُرْعَةَ انْقِضَائِهَا ، وَقِلَّةَ مَا بَقِيَ مِنْهَا ، وَأَنَّهَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا ، وَإِنَّهَا لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا كَمَا بَقِيَ مِنْ يَوْمٍ صَارَتْ شَمْسُهُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ ، وَيُرِيهِ بَقَاءَ الْآخِرَةِ وَدَوَامَهَا ، وَأَنَّهَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً ، وَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا وَعَلَامَاتُهَا ، وَأَنَّهُ مِنْ لِقَائِهَا كَمُسَافِرٍ خَرَجَ صَاحِبُهُ يَتَلَقَّاهُ ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسِيرُ إِلَى الْآخَرِ ، فَيُوشِكُ أَنْ يَلْتَقِيَا سَرِيعًا .
وَيَكْفِي فِي قِصَرِ الْأَمَلِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=205أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=206ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=207مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=45وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [ ص: 449 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=113قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=114قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=103يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=104نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا وَخَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمًا وَالشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980278إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا إِلَّا كَمَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ ، وَهُمْ يُعَالِجُونَ خُصًّا لَهُمْ قَدْ وَهَى . فَهُمْ يُصْلِحُونَهُ ، فَقَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980279مَا هَذَا ؟ قَالُوا : خُصٌّ لَنَا قَدْ وَهَى فَنَحْنُ نُعَالِجُهُ ، فَقَالَ : مَا أَرَى الْأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ هَذَا .
وَقِصَرُ الْأَمَلِ بِنَاؤُهُ عَلَى أَمْرَيْنِ : تَيَقُّنِ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمُفَارَقَتِهَا ، وَتَيَقُّنِ لِقَاءِ الْآخِرَةِ وَبَقَائِهَا وَدَوَامِهَا ، ثُمَّ يُقَايِسُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَيُؤْثِرُ أَوْلَاهُمَا بِالْإِيثَارِ .