الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي وأهلي يغتابون بعضهم البعض أمامي، فكيف أتصرف معهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعيش هذه الفترة في بيت أهلي، بسبب انتقال عائلتي الصغيرة إلى نفس المنطقة، ولأن زوجي بدأ عمله مؤخرًا، فإنه يأتي لقضاء ليلتين في نهاية الأسبوع معنا، هذا الوضع يسبب لي حرجًا كبيرًا مع أهلي، على الرغم من أنه شخص حساس أيضًا، إلا إنه لا يملك خيارًا آخر حاليًا.

أمي وأبي دائمًا يتحدثان بكلام سيء، أو يحملان ظنونًا غير صحيحة عن زوجي، ويقولان لي: لو كنتِ تزوجتِ فلانًا لكان أفضل، أو زواج الأقارب أفضل، وذلك بسبب وضعه المادي المتعثر بعض الشيء، لكن زوجي يحترمني، ويتمتع بالكثير من الصفات الجيدة، حتى إخوتي يسيؤون إليه أمامي، وقلبي يعتصر ألمًا من كلامهم.

لم أُخبر زوجي بشيء مما يقولونه عنه؛ لأنهم يُظهرون له الاحترام في تعاملهم معه، والمشكلة أن زوجي أيضًا يذكر لي عيوبهم ومشاكلهم، ويتحدث عنهم أحيانًا بما ليس فيهم، وهذا يؤلمني جدًا.

تعبت كثيرًا من الطرفين، وأرغب في معرفة الطريقة الصحيحة للتصرف، وهل ما أفعله الآن يُعد تصرفًا صحيحًا؟

جزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يُصلح الأحوال، وأن يملأ جيب زوجك بالمال، وأن يزدكم خيرًا وفضلًا.

أحسنت -أختنا الفاضلة- في كتمان المشاعر السلبية من أسرتك تجاه الزوج، وكتمان كذلك كلامه عنهم، لأن هذا هو الذي ينبغي أن تفعله المؤمنة، فإن الإنسان إذا سمع خيرًا نشره، وإذا سمع غير ذلك ستره وكتمه، ولا مانع من أن ينصح -إن استطاع- لمن يتكلّم بالكلام السيء، والذي ينقل كلام الناس بهذه الطريقة هو النمَّام، وقد عافاك الله من هذه الكبيرة من كبائر الذنوب، وأمرُ النميمة خطير؛ لأن النمَّام هو الذي ينقل كلام الناس على وجه الإفساد، أو ينقل الكلام السلبي فقط ويترك الإيجابي، لكنَّ المؤمنة الصالحة تنقل الكلام الجميل، فإذا سمعت من أهلك كلمات جميلة وسط هذا الكلام السيء، فانقلي الجميل فقط، وإذا سمعت من زوجك كلامًا جميلاً عن أهلك، فلا تنقلي إلَّا هذا الجميل.

هذه هي الطريقة التي ينبغي أن تستمري عليها، ونسأل الله أن ييسّر أمر زوجك، وأيضًا لا تلتفتي للمقارنات، فأنت مَن تُحدد، فإذا كان زوجك جيدًا، ويحترمك وفيه ميزات؛ فهذا الذي ينبغي أن تحافظي عليه، والإنسان في الزواج هو صاحب القرار، فأنت صاحبة القرار، والشاب هو صاحب القرار، لا ينبغي للأهل أن يقولوا فلانًا خير من فلان؛ لأن هذا التقدير متروك لك، وفي الحديث: "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".

ما يراه الأهل مناسبًا لابنتهم قد لا يكون كذلك بالنسبة لها، والعبرة بكلامها ووجهة نظرها، وسعادتها مع زوجها الذي تلاقت معه بالأرواح، وهي -كما أشرنا- "جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".

كذلك ننصحك بكثرة الدعاء، وعليك أيضًا أن تُشيري على زوجك بأن تبحثوا عن وسائل للرزق، وتُحسّنوا هذه الأوضاع، دون أن تجرحي مشاعره، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهّل أمرك، وأن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلّات والذنوب.

بقي أن نذكّر ونؤكّد أن مثل هذا الكلام بين الأصهار وبين الأهل، من الأمور التي قد تحصل، وأحسنتِ بهذا التصرُّف، فاثبتي عليه، وهو كتمان أي مشاعر سلبية أو كلمات سلبية من هذا الطرف أو ذاك، ونقل الكلام الجميل فقط، وبهذا نستطيع أن نؤلِّف القلوب، فالنمّام هو الذي ينقل كلام الناس على وجه الإفساد، ولكن المؤمنة والمؤمن ينقلون كلام الخير فقط، ويسكتون عمَّا سواه.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً