الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من تعلقي بفتاة أحببتها، ولكنها تزوجت غيري؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا إخواني، باختصار شديد: أعاني من فرط التفكير في كل شيء وعن أي شيء. كل ما يخطر ببالي، أسأل: كيف يحدث هذا؟ ولماذا؟ وما السبب؟ أتعمق بالتفكير في كل جزئية، أفكِّر بعمق حتى وأنا أكتب إليكم.

توصلت إلى نتائج عديدة في حياتي وكانت صحيحة، وساهمت في تصحيح مفاهيم لدي، وكدت أن أقع في الشرك والإلحاد -أعوذ بالله من ذلك-.

النقطة الثانية هي: تعرفت إلى فتاة عبر الماسنجر وأحببتها بشدة، وهي كذلك، لكنها تزوجت رغمًا عنها، وحياتها الزوجية تعيسة جدًا بسبب الأمر الذي دفعها للموافقة على هذا الشخص زوجًا لها.

فعلت الكثير لتنفصل عنه، لكن ضغط عائلتها عليها للاستمرار معه في الحياة، وضغطهم بسبب مصالح مشتركة، جعل حياتها تعيسة.

سبب زواجها أمر مؤلم لأي فتاة، قالت لي: حياتي معه لا يمكن أن تستمر، وأحاول الانفصال عنه بأي طريقة، قلت لها: سأنتظرك، وفجأة أغلقت بريدها الإلكتروني ولم أعرف عنها شيئًا.

قبل أن تفعل ذلك قالت لي: يجب أن نبتعد عن بعضنا البعض لأعرف كيف أتصرف في حياتي، وبإذن الله سأتخلص منه في أقرب وقت، وأنا أنتظرها ولم أفكر في الزواج بسبب هذا الموضوع.

ماذا أفعل في النقطتين الأولى والثانية؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن عقل الإنسان محدود، وخطوط الغيب عنه محجوبة، ولذلك اقتضت حكمة الحكيم أن يطوي عن هذا الإنسان علم بعض المغيبات، والشيطان قد يجعل الإنسان يفكر ويفكر ويتساءل، إلى أن يقول: (هَذَا اللهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، ‌فَمَنْ ‌خَلَقَ ‌اللهَ؟) وهنا يأتي التوجيه النبوي الحاكم: (فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَقْرَأْ: آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ عَنْهُ) وفي رواية: (فَإِذَا بَلَغَهُ ‌فَلْيَسْتَعِذْ ‌بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ).

وجاء رجل فقال للنبي ﷺ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ، يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ، لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ) أو قال: (إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ)، أو قال: (إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَسُرُّنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ، وَلَا أَنَّ لَنَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ)، فقال ﷺ: (أَوَجَدْتُمْ ذَلِكَ؟) قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: (ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ).

وفي رواية: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالشَّيْءِ لَأَنْ أخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ). فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ‌رَدَّ ‌كَيَدَهُ ‌إِلَى ‌الْوَسْوَسَةِ).

ولا شك أن فهم هذه التوجيهات فيه حل نهائي لمشاكل التفكير، وفيه قطع لوساوس الشيطان، والحمد لله أولاً وأخيراً.

أما بالنسبة للمسألة الثانية: فننصحك بالابتعاد عن تلك المرأة حتى لو عادت إليك؛ لأن ما بينكما من تواصل أمر يغضب الله ويجلب اللعنات؛ ولأن الاتصال بامرأة متزوجة قد يكون سببًا في فسادها على زوجها، وإذا رضيت أي امرأة بخيانة زوجها فلا خير فيها، وبئست الخيانة بضاعة، ومن تعتاد الخيانة سوف تستمر عليها في الغالب والعياذ بالله.

ونحن نتمنى أن يكون في الذي حصل درس لك ولها؛ لأن البدايات لم تكن صحيحة، ولا يحل لك ولا غيرك التواصل عبر الماسنجر مع بنات الناس، ولست أدري هل ترضى مثل هذا العمل لو حصل مع أختك أو قريبتك؟ فلماذا ترضاه لبنات الناس، أما علمت أن الجزاء من جنس العمل وأن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين؟

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لك التوفيق والثبات والهداية، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً